مصر في المحافل الدولية: لقاءات الرئيس المصري في القمة الثامنة عشر لمجموعة العشرين
تألق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في قمة مجموعة العشرين من خلال مشاركته الفعالة والاجتماعات الثنائية القيمة، إضافة إلى كلماته في القمة التي استضافتها مدينة نيودلهي مؤخراً.
وجاءت مشاركة الرئيس المصري بقمة مجموعة العشرين تلبيةً لدعوة من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي استضافت بلاده الرئاسة الحالية للمجموعة، وذلك في ضوء أهمية مشاركة مصر في القمة التي تعقد في ظرف دولي دقيق، بالإضافة إلى العلاقات الوثيقة التي تربط بين مصر والهند.
القارة الأفريقية
وشدد الرئيس المصري، على أهمية الشراكات بين الدول وأكد على فرص التعاون المشتركة بين الدول النامية والأفريقية، نقطة قوة تلك المشاركة كانت في التأكيد على الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه الجهود الدولية في دمج الدول النامية في الاقتصاد العالمي، مما يعزز من فرص التنمية وجذب الاستثمارات للجميع.
أشار الرئيس السيسي إلى القوة المشتركة التي يمكن أن تظهر عند تقديم دعم حقيقي للدول النامية في تحقيق التنمية المستدامة وأكد على الروح التعاونية المستمرة التي تسعى الدول المتقدمة لتحقيقها من خلال الالتزام بالاتفاقيات الدولية، مع التركيز على تعزيز استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة في الدول النامية.
لقاءات ثنائية
قام الرئيس السيسي بإجراء سلسلة من اللقاءات المثمرة مع قيادات دولية مرموقة، منهم السيد فوميو كيشيدا رئيس وزراء اليابان، السيد سيريل رامافوزا، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، والسيد عثمان غزالي، رئيس جمهورية جزر القمر والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي وتم التواصل أيضًا مع السيد تيدروس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، والسيدة أورسولا فون ديرلاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، والسيد لي كيانج، رئيس وزراء الصين، والسيد لولا دا سيلفا، رئيس جمهورية البرازيل، مما يؤكد على الدور البارز الذي يلعبه الرئيس في تعزيز التعاون الدولي.
الجلسة الافتتاحية
هنأ الرئيس السيسي خلال الكلمة التي ألقاها في أعمال الجلسة الافتتاحية للقمة الثامنة عشر لقادة مجموعة العشرين، الهند بنجاحها في الهبوط على القمر، وأعرب أيضاً عن ترحيب مصر بالانضمام المستحق للاتحاد الأفريقي إلى عضوية المجموعة.
كما تحدث عن الحاجة لتطوير مؤسسات التمويل الدولية، موضحاً: إن تحقيق أهدافنا المشتركة، وسط تحديات غير مسبوقة تواجهنا اليوم، يتطلب منظورًا شاملًا، لصياغة ترتيبات مستقبلية، محورها النظام متعدد الأطراف، استنادًا إلى مقاصد ميثاق الأمم المتحدة، وقواعد القانون الدولي، وتعظيم دور المؤسسات الدولية في الاستجابة الفعّالة للأزمات والتحديات.
وهنا يبرز دور مجموعة العشرين، لاسيما على صعيد معالجة اختلالات الهيكل المالي العالمي، وتطوير مؤسسات التمويل الدولية، مع وضع حلول مستدامة للمشاكل الهيكلية التي تواجهها الدول النامية، خاصةً فيما يتعلق بتنامي إشكالية الديون، وتضاؤل جدوى المعونات التنموية، مقابل تعاظم مشروطيات الحصول عليها، واتساع الفجوة التمويلية لتحقيق التنمية المستدامة، والانتقال العادل إلى اقتصاد منخفض الكربون.
التكامل الاقتصادي القاري
وتحدث الرئيس المصري كذلك عن تشرفه بتولي رئاسة اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية “النيباد”، وعن القيام بالتشاور مع الأشقاء في القارة الأفريقية، لوضع أهدافًا محددةً لدعم دولنا، تركز على دفع التكامل الاقتصادي القاري، وتسريع تنفيذ أجندة التنمية الأفريقية، وتفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية، وحشد الموارد للمجالات ذات الأولوية اتصالًا بالبنية التحتية والطاقة، والاتصالات، وتأمين الغذاء، وكذلك معالجة أزمة ديون القارة، حيث إن كل ذلك يعزز من قدرات القارة على الإسهام في المنظومة العالمية، سياسيًا واقتصاديًا، من أجل تحقيق الاستقرار، والقدرة على مواجهة التحديات العالمية.
كوب27
وتحدث الرئيس المصري عن الاستفادة والنتائج الإيجابية من من خلال رئاسة مصر للدورة الـ 27 لمؤتمر المناخ، الذي استضافته مدينة شرم الشيخ في نوفمبر الماضي، فقد نجحت الجهود في إعادة التوازن للأجندة الدولية للمناخ، لاسيما عبر إدراج فكرة “الانتقال العادل” للاقتصاد الأخضر، والدعوة لإنشاء صندوق لمواجهة الخسائر والأضرار المناخية.
وأضاف قائلاً: وفي ضوء خطورة التحدي الذي يُشكله تغير المناخ، والتوافق العالمي على أهمية التغلب على ذلك التحدي، فلابد من اضطلاع كل طرف بمسئولياته، وذلك على أساس مبدأي “المسئولية المشتركة ولكن المتباينة”، و”الإنصاف”، وتنفيذ ما تم اعتماده من قرارات، وإلا تبددت الثقة وانهارت منظومة العمل متعدد الأطراف.
واتصالًا بجهودنا لاحتواء أزمة الطاقة، أعلنت مصر على هامش مؤتمر شرم الشيخ عن تدشين منتدى دولي لتمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر باعتباره وقود المستقبل، بالإضافة إلى ما نتخذه من خطوات، لتصبح مصر مركزًا إقليميًا لتجارة الطاقة، من خلال استضافتنا لمقر منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يسهم في تعزيز استقرار سوق الطاقة.
وفي إطار مواجهة أزمة الغذاء، أعلنت مصر مؤخرًا، عن استعدادها لاستضافة مركز عالمي لتخزين وتداول الحبوب، بالتعاون مع شركاء التنمية، في إطار التكامل مع الجهود المشتركة للتصدي لهذا التحدي، ودعمًا لمنظومة العمل الدولي متعدد الأطراف.
رئيس الاتحاد الأوروبي
التقى الرئيس السيسي برئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، على هامش انعقاد قمة مجموعة العشرين وشهد اللقاء تأكيد قوة العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، في ضوء الروابط المتشعبة التي تجمع بين الجانبين والتحديات المشتركة التي تواجههما على ضفتي المتوسط، وحرص كل طرف على تعزيز هذه العلاقات وأطر التعاون على مختلف الأصعدة، كما تم الإعراب عن الارتياح إزاء مجمل التطورات التي يشهدها التعاون المؤسسي المشترك، سياسيًا واقتصاديًا وتنمويًا.
وتطرق اللقاء إلى ملف التنسيق بين مصر والاتحاد الأوروبي حول العديد من القضايا الإقليمية الهامة في المحافل الدولية، خاصةً مستجدات الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها السياسية والاقتصادية على مستوى العالم، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في أفريقيا، حيث ثمن رئيس المجلس الأوروبي جهود مصر في العمل على تسوية الأزمات القائمة بالمنطقة، واستضافتها لأعداد كبيرة من اللاجئين، وكذا دورها المحوري في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية.
رئيسة المفوضية الأوروبية
وخلال اجتماع الرئيس المصري برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، تم التأكيد تطوير وتعميق الشراكة الاستراتيجية التقليدية بين مصر والاتحاد الأوروبي، أخذًا في الاعتبار تشارك الجانبين في الجوار الإقليمي المتوسطي، وما كان لتلك الوضعية الجغرافية تاريخيًا من تأثير مهم في مد جسور التواصل الحضاري والثقافي والتجاري والسياسي بين مصر والقارة الأوروبية.
تناول اللقاء متابعة تطورات مختلف أوجه العلاقات بين الجانبين، حيث أعرب السيد الرئيس عن التطلع لتعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي استنادًا إلى مبادئ الاستفادة المتبادلة والمصلحة المشتركة، وذلك كركيزة للتكامل والاستقرار الإقليمي، وباعتباره شريكًا مهمًا في عملية التحديث التي تشهدها مختلف القطاعات التنموية في مصر، بما في ذلك مشروعات البنية التحتية الكبرى، ومشروعات الطاقة، والتحول الأخضر، وقد أكدت من جانبها رئيسة المفوضية الأوروبية أهمية وثيقة “أولويات المشاركة المصرية الأوروبية حتى عام 2027” كإطار حيوي لمزيد من تعميق الشراكة المصرية الأوروبية خلال السنوات القادمة في كافة المجالات.
قمة أفريقية أوروبية
شارك الرئيس السيسي في القمة الأفريقية الأوروبية المصغرة التي عقدت على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين، وجمعت قادة وممثلي دول ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وفرنسا، وجنوب أفريقيا ونيجيريا، وجزر القمر باعتبارها دولة رئاسة الاتحاد الأفريقي، وذلك بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي ومؤسستي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
شهدت القمة مناقشة مستجدات عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، خاصةً عضوية الاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين، حيث تم الترحيب بهذه الخطوة، وأكد الرئيس المصري أنها تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح لإتاحة الفرصة لوضع أولويات القارة على الأجندة الدولية.
شهدت القمة كذلك تباحثًا معمقًا بشأن الأوضاع الدولية الراهنة وانعكاساتها السلبية على قضية الأمن الغذائي، حيث أشار السيد الرئيس إلى أن احتواء تحديات أزمة الغذاء المتنامية بشكل خاص في القارة الأفريقية، يستدعي وضع رؤية مشتركة لتعزيز حوكمة منظومة الأمن الغذائي العالمي، تتأسس على محورية النظام متعدد الأطراف، واتساق جهود مؤسسات التمويل الدولية والأطراف الفاعلة في الاستجابة السريعة والفعالة لمعطيات الأزمة.
الرئيس الفرنسي
شهدت قمة مجموعة العشرين، اللقاء الثنائي الذي جمع بين الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي شهدت تناول العديد من القضايا العالمية الهامة.
المستشار الألماني
اجتمع الرئيس المصري مع المستشار الألماني أولاف شولتز، وذلك على هامش انعقاد قمة مجموعة العشرين بالهند، أشادا الزعيمين بتطور مسار العلاقات الثنائية بين مصر وألمانيا في كافة المجالات، وهو ما انعكس على معدل وكثافة تبادل الزيارات بين كبار مسئولي البلدين على مدار السنوات الماضية، مؤكدين التطلع لتعظيم التعاون المشترك خلال الفترة المقبلة وتعزيز التنسيق والتشاور السياسي.
كما استعرض الجانبان أطر التعاون القائمة في مختلف المجالات، لاسيما في قطاعات النقل والتصنيع والطاقة، فضلًا عن العمل على زيادة الاستثمارات الألمانية في مصر ودفع التعاون الاقتصادي بين الجانبين.
الكلمة في الجلسة الختامية
شارك الرئيس المصري بإلقاء كلمة في الجلسة الختامية لأعمال مجموعة العشرين، والتي نصت على : تابعت باهتمام، الكلمات القيمة التي أدليتم بها، حول كيفية التعامل مع الأزمات الدولية، وضرورة توافر الإرادة السياسية من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة، لضمان مستقبل أفضل للإنسانية.
ولعل الحديث عن المستقبل، يدفعني للإشارة إلى الآمال العريضة المُعلقة على التحول التكنولوجي، لزيادة الإنتاجية، وتوفير فرص جديدة للنمو والاستثمار، إلا أنه، لضمان مستقبل أفضل للبشرية بأسرها، ينبغي العمل على سد الفجوة التكنولوجية الكبيرة بين الدول، وذلك حتى لا يكون التقدم التكنولوجي محركًا إضافيًا لانعدام المساواة.
من جانب آخر، لا يخفى عليكم تصاعد المخاوف منذ سنوات، بشأن أثر الميكنة والذكاء الاصطناعي على مستقبل التوظيف، وهو الأمر الذي قد تتضاعف آثاره الاجتماعية والاقتصادية السلبية في الدول النامية، التي اعتمدت على الصناعات كثيفة العمالة، بما يُنذر بإهدار الكثير مما تم إنجازه من جهود التنمية.
دعونا أيضًا نتفق على أن الانطلاق للمستقبل، والحلول القائمة على التعاون متعدد الأطراف، يستوجب الإسراع في معالجة التحديات القائمة قبل أن تستفحل، وتتسبب في أزمات تستعصي على الحل، وفي هذا السياق أخص بالذكر ما يلي:
أولًا: هناك حاجة ملحة، لمعالجة إشكالية ديون الدول النامية، التي باتت تتخذ أبعادًا خطيرة، نتيجة ارتفاع أعباء خدمة الدين، ليس فقط بالنسبة للدول منخفضة الدخل، وإنما أيضًا في الدول متوسطة الدخل، وهو الأمر الذي يتطلب سرعة اتخاذ قرارات حاسمة تحول دون اندلاع أزمة ديون عالمية.
ثانيًا: يقتضي التزامنا بأجندة التنمية المستدامة، وأهداف “اتفاق باريس للمناخ” ضمان توافر التمويل اللازم، وتطوير نظام التمويل الدولي وممارسات بنوك التنمية متعددة الأطراف، وذلك عبر تعظيم قدرتها على الإقراض، ولاسيما توفير التمويل الميسر، مع ضمان ألا يكون التمويل المناخي على حساب التمويل التنموي.
وأشدد هنا بمناسبة رئاسة بلادي لمؤتمر “كوب 27” على أهمية توافر وسائل التنفيذ، وذلك من الناحية التمويلية، من خلال وفاء الدول المتقدمة بتعهداتها، فضلًا عن نقل التكنولوجيا.
إنني على ثقة في قدرتكم على اتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق أهدافنا المشتركة، ووضعها موضع التنفيذ.
الرئيس التركي
التقى الرئيس المصري بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، وأكدا الرئيسين أهمية العمل من أجل دفع مسار العلاقات بين البلدين والبناء على التقدم الملموس في سبيل استئناف مختلف آليات التعاون الثنائي، كما أعربا عن الحرص على تعزيز التعاون الإقليمي، كنهج استراتيجي راسخ، وذلك في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة والنوايا الصادقة، وبما يسهم في صون الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط.
تناول اللقاء تبادل الرؤى بشأن تطورات الأوضاع الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلًا عن سبل تكثيف التشاور والتنسيق بين البلدين لتعزيز مجمل جوانب العلاقات الثنائية، بما يصب في صالح الدولتين والشعبين.